St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   09-Al-Zoga-Al-Wahda-in-Coptic-Church
 

كتب قبطية

كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية، وأهم مبادئنا في الأحوال الشخصية - البابا شنودة الثالث

30- نظرة المسيحية إلى الزواج الثاني بعد الترمُّل

 

المسيحية لا تستحسن الزواج الثاني بعد الترمُّل علي الرغم من أنه أخف من تعدد الزوجات:

1-  المسيحية تجيز بعدم قيامه، وتضعه في درجة أقل من الزواج الأول.

وقد كان الحماسة شديدة جدًا ضده في القرون المسيحية الأولي "ضد لياقته لا ضد شريعته طبعًا". وحاول كثير من القديسين أن يثنوا المترملين عنه. حتى أنه كلمه Monogamia "الزواج الواحد" في استعمال الكتاب المسيحيين في تلك العصور، لم تكن تعني اكتفاء الزوج بامرأة واحده فلا تتعدد زوجاته، إذ أن ذلك كان أمرًا لا يختلف فيه أحد. وإنما كانت في غالبية استعمالها، تعني الزواج الواحد علي الإطلاق سواء في حياة الزوجة أو بعد وفاتها. وغالبيه الذين عن الـMonogamia كانوا يدعون إلي عدم التزوج بعد الترمل. للعلامة ترتليانوس ثلاثة: "إلي زوجته" و"بحث علي العفة" و"الزواج الواحد" كلها تدور حول هذه النقطة. وكثيرة هي كتابات القديس ايرونيموس "جيروم" عن هذا الموضوع وبالأخص في رسائله وكذلك القديسان أمبروسيوس وأوغسطينوس، كتب كل منهما كتبا عن الترمل، وغير هؤلاء الكتاب الكبار، كثيرون ساروا علي نفس نهجهم. وفي مسألة الزواج لم يكن من منافس لهذا الموضوع في كتابات القديسين غير تمجيد البتولية. حدث كل هذا علي الرغم أن الزواج بعد الترمل -من حيث عفته وبعده عن شهوة الجسد- لا يقارن بحالة الجمع بين زوجتين في وقت واحد! فماذا تكون إذن فكرة المسيحية عن تعدد الزوجات؟!

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org         Image: Tertullian - Quintus Septimius Florens Tertullianus صورة: العلامة ترتليان، أو كوينتوس سيتيميوس فلورنس ترتليانوس

St-Takla.org Image: Tertullian - Quintus Septimius Florens Tertullianus.

صورة في موقع الأنبا تكلا: العلامة ترتليان، أو كوينتوس سيتيميوس فلورنس ترتليانوس.

زواج في مرتبه أقل وعلامة علي عدم ضبط النفس.

2- وقد تحدث القديس بولس الرسول عن هذا الأمر في الأصحاح السابع من رسالته الأولي إلي كورنثوس، فقال "ولكن أوق لغير المتزوجين وللأرامل، إنه حسن لهم إذا لبثوا كما أنا. ولكن إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا "(الآيتان 8، 9). وكرر هذه النصيحة للمرأة المترملة فقال "إنها أكثر غبطة إن لبثت هكذا" (الآية 40). فهو قد جعل البقاء في الترمل، أحسن وأكثر غبطة من الزواج الثاني.

وقد علق كثير من القديسين علي أفضلية الترمل فقال القديس باسيليوس "الزيجات الثانية هي علاج ضد الزنا فهكذا قيل: "أن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا" أما القديس اغسطينس فعلق علي تعليم بولس الرسول بقوله التزوج ثانية علامة علي عدم ضبط النفس" كما قال أيضًا "الزيجات الثانية ليست مدانة، ولكن في مستوي أقل". وفسر ذلك بقوله "عفة الزواج حسنة، ولكن زهد الترمل أحسن". أما القديس أمبروسيوس معلم القديس أوغسطينوس فقال "لست أرفض الزيجات الثانية، ولكني لا أنصح بها" واستطرد القديس يقول للمترمل " شرعيا يمكن أن تتزوج، ولكن من المناسب أكثر أن تمتنع". وعن هذا الزواج غير المستحسن، يقول القديس ايرونيموس "جيروم"، "آدم الأول كانت له زوجة واحدة، والثاني -أي المسيح- كان غير متزوج، فليرنا أنصار الزوج الثاني آدم ثالثا تزوج مرتين!!"

ويشرح القديس ايرونيموس رأيه فيقول "وكما جعل "الرسول" الزواج أقل من البتولية، كذلك جعل الزواج الثاني أقل من الزواج الأول"... إنه يسمح بالزيجات الثانية، ولكن للأشخاص الذين يرغبونها، "ولا يستطيعون أن يضبطوا أنفسهم" لئلا "ينحرف البعض وراء الشيطان" (1تى15:5) وهكذا وضح القديس السبب الذي من أجله سمح بالزواج للمترملين. وكشف أكثر فقال "بالنسبة إلى خطر الزنا يسمح للعذارى أن يتزوجن، ولتجنب نفس السبب يسمح بالزيجات الثانية" (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وأضاف في الفصل التالي " وهكذا سمح بالزواج الثاني لغير المتعففين". ونفس الرأي عرضه القديس كيرلس رئيس أساقفة أورشليم فقال إن هذا الزواج سمح به على الرغم من أن العفة شيء نبيل " حتى لا يسقط الضعيف في الزنا... إذ قال الرسول: خير أن نتزوج من أن نتحرق" (1كو9:7).

وأيد ترتلينانوس نفس الرأي فقال "هذا الزواج سمح به من أجل خطر عدم التعفف" واستطرد "السماح هو اختبار للشخصية، هل ستقوم الإغراء أم لا، والسماح هو ذاته إغراء".

على أن بعض القديسين قد سمح بالزواج بعد الترمل، لمن ترملوا وهم ما يزالون في سن الشباب، أو لم يقضوا في حياة الزيجة سوى فترة ضئيلة.

وفى ذلك قد نصح القديس بولس من جهة "لأرامل الحدثات" أن "يتزوجن، ويلدن الأولاد، ويدبرن البيوت" (1تى14:5)، وذلك إشفاقًا عليهن.

وبعض العلماء يوافقون على الزيجة الثانية بعد الترمل، بالنسبة إلى من يحتاجون إلى رعاية، في ضعف أو شيخوخة أو مرض، كما حدث لداود في شيخوخته. وذلك أن التزوج ليس لمجرد عدم ضبط الجسد، وإنما أيضًا للتعاون في الحياة "فأصنع له مٌعينًا نظيره" (تك18:2).

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

والخلاصة:

فإن الكنيسة على الرغم من اعترافها بشرعية الزواج الثاني بعد الترمل، فإنها جعلته في مرتبة أقل وسمحت به لحالات من الضعف..

فإن كان كل هذا قد قيل عن الزواج واحدة بامرأة بعد وفاة الأولى، فماذا يمكن أن يقال عن الجمع بين زوجتين؟! أي عذر يمكن أن يقدمه للكنيسة طالب هذا الزواج الأخير لتسمح به بينما زوجته التي ما تزال على قيد الحياة يمكن أن تقيه من الأسباب التي يتعلل بها الضعفاء من المترملين في طلب الزواج ثانية. ولذلك فإن كلمة digamy أي الزواج الثاني، أخذت -في هذا الجو العفيف الذي ساد كتاب المسيحية في تلك العصور- معنى الزواج بعد وفاة الزوجة، وليس الجمع بين زوجتين. إذ لم يكن أحد يتصور إطلاقًا، أن تنفذ فكرة تعدد الزوجات polygamy إلى المسيحية المحبة للبتولية والعفة، ولم تثر تلك المشكلة حتى يحاربها كبار كتاب المسيحية في كتاباتهم.

مثال من الطيور:

1-  وتعجب كتاب المسيحية من أن الإنسان الذي خلق على صورة الله ومثاله (تكوين27:1) لا يستطيع أن يصل إلى مستوى العفة الذي وصلت إليه بعض أنواع الطير!

فقال القديس إمبروسيوس "هناك أنواع كثيرة من الحيوانات والطيور إذا فقدت أليفها لا تبحث عن آخر، وتقضى وقتها كما لو كانت حياة وحدة". والعلامة اكليمندس الإسكندري ضرب المثل في ذلك بالحمام واليمام. وهكذا قال القديس ايرونيموس أيضًا "الحمامة واليمامة إذا مات رفيقها لا تأخذ غيره... فنفهم أن الزواج الثاني يرفضه حتى الطيور".

وقال القديس باسيليوس في قانونه الثالث والأربعين "إذا كان اليمام غير الناطق لا يقعد في زيجة ثانية، فكيف بالحيوان الناطق".

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

عقوبة كنسية على المتزوج بعد ترمله:

2- من أجل كل هذا، تأخذ الكنيسة إجراءات حازمة مشددة تجاه من يتزوج ثانية بعد وفاة زوجته الأولى.

أول تلك الإجراءات هو أنها تفرض عقوبة على المتزوج ثانية، بأن تبعده عن الكنيسة وعن تناول الأسرار المقدسة مدة من الزمن، شرحها القديس باسليوس الكبير في القانون الرابع من رسالته القانونية الأولى. فقال "الذين تزوجوا للمرة الثانية، يوضعون تحت عقوبة كنسية لمدة سنة أو سنتين. والذين تزوجوا للمرة الثالثة لمدة ثلاث سنين أو أربعة. ولكن لنا عادة أن الذي يتزوج للمرة الثالثة يوضع تحت عقوبة لمدة خمس سنوات، ليس بقانون وإنما بالتقاليد. وأشار إلى هذه العقوبة أيضًا في رسالته القانونية الثالثة في القانون الثالث والخمسين.

والظاهر أن تلك العقوبة كانت معروفة أولا عن طريق التقاليد ولكن ما لبثنا أن رأيناها مشروعة رسميا في المجامع المقدسة التي انعقدت في القرن الرابع الميلادي.

وهكذا أشار إلى هذه العقوبة القانون الثالث من قوانين مجمع قيسارية الجديدة المنعقد سنة 315 م. فقال عن أمثال هؤلاء إن "مدة عقوبتهم معروفة" مما يدل على قدم هذه العقوبة في الكنيسة. ثم استطرد هذا المجمع في قانونه الثالث "ولكن طريقة معيشتهم وإيمانهم يقصران المدة. أي أن هذا المعاقب على "عدم ضبطه لنفسه"، إذا ما أظهر في مدة العقوبة تعففًا ونسكًا، فإن مدة عقوبته تقل تبعًا لذلك. وأخيرًا -على حسب ما ورد في القانون الأول من قوانين مجمع اللاذقية المقدس المنعقد في القرن الرابع أيضًا- "يعطى هؤلاء القربان على سبيل المسامحة"، "وذلك بعد مرور زمان قليل من ممارستهم الصلوات والأصوام".

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لا بركة إكليل لهذا الزواج بل صلاة استغفار:

3- وقد ورد في البند الحادي عشر من الباب الرابع والعشرين من كتاب المجموع الصفوي لابن العسال ما يأتي "وأما الزيجة الثانية فدون الأولى. ولهذا رسم في القوانين أن لا يكون لها بركة إكليل بل صلاة استغفار".

فما الذي يحدث إن كان أحد طرفي هذا الزواج بكرًا أي بتولًا والطرف الآخر أرمل؟ للإجابة على هذا السؤال ورد في البند 87 من الباب السابق ذكره "وإن كان أحد المتزوجين بكرًا، فليبارك وحده. وهذه السنة للرجال والنساء جميعًا".

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ولا يحضر القس وليمة هذا الزواج:

4-  يقول القانون السابع من قوانين مجمع قيسارية الجديدة:

" لا يجلس القس في وليمة زيجة المتزوج ثانيًا. وذلك من حيث أن المتزوج ثانيًا يجب عليه أن يلتمس التوبة. فما عساه يكون أمر القس الذي بواسطة اتكاءه في الوليمة قد يذعن مرتضيا في تلك الزيجة". ويعلق العالم هيفيليه Hefele على ذلك القانون بقوله " إن المتزوج ثانيا، المفروض فيه أن يأتي إلى الكاهن ليخبره بعقوبته التي يمارسها. فكيف يقف القس نفسه في الوليمة كأنه يشترك معه في الإساءة".

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المتزوج ثانية لا يدخل في شرف الكهنوت:

5- ومن أهم النقط التي تبين نظرة الكنيسة إلى الزواج الثاني من حيث أنه علامة على عدم التعفف، كونها تحرم ممارسه من الدخول في شرف الكهنوت في أية درجة من درجاته الثلاث الأساسية: الأسقفية، والقسيسية، والشماسية.

وقد ورد هذا الأمر في رسالة بولس الرسول إلى تيطس (تي 6:2) وفي رسالته الأولى إلى تيموثاوس (1 تي 12،2:3). حتى الشماس لا يستطيع أن يتزوج ثانية بعد وفاة زوجته، لأن مستوى هذا الزواج الثاني لا يتفق وسمو رتبته الكهنوتية كشماس. وتنص قوانين الكنيسة على أنه إذا تزوج أحد من رجال الكهنوت بعد وفاة زوجته فإنه يقطع من درجته الكهنوتية.

حتى الذي سبق له هذا الزواج الثاني قبل المعمودية، لا يجوز أيضًا أن يصير كاهنًا على الرغم من أن المعمودية تغفر فيها جميع الخطايا السابقة ويولد الإنسان منها ولادة ثانية في نقاوة تامة وطهر. وفي ذلك يقول القديس باسيليوس إن المسألة ليست مسألة خطية، وإنما مسألة قانون ونظام. "فالذي تزوج ثانية لا يحسب له ذنب، ولكنه غير مؤهل للكهنوت". ويقول في كتاب آخر "ولكن يجب أن نعرف أنه في المعمودية تغفر الخطية، ولكن لا يلغي القانون".

حتى التي تخدم أرملة في الكنيسة: على الرغم من أن وظيفتها ليست خدمة كهنوتية فإنها أيضًا لا تقبل إلا إذا كانت أرملة لزوج واحد. فهكذا يأمر بولس الرسول في رسالته الأولى إلى تيموثاوس (1 تي 9:5).

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الزيجات الأكثر من هذه:

6-  فإن كانت هذه هي نظرة الكنيسة إلى من تزوج ثانية بعد وفاة زوجته الأولى؟ فماذا يقال عن نظرتها إلى المتزوج ثالثة بعد وفاة الزوجة الثانية، أو إلى المتزوج رابعة بعد وفاة الزوجة الثالثة.

تقول الدسقولية "الزيجة الثالثة هي علامة الغواية لمن لم يقدر أن يضبط نفسه. والأكثر من الثالثة هي علامة الزنا الظاهر والنجاسة التي لا تذكر".

ويقول القديس اغريغوريوس الناطق بالإلهيات في تتابع الزيجات "... الأولى هي شريعة، والثانية تسامح، والثالثة تعد... وكل ما يزيد على ذلك هو شبيه بالخنازير".

ويقول القديس باسيليوس في قانونه الحادي عشر عمن تزوجوا لثالث مرة "لم يأمر المجمع بأن يبقوا خارجًا عن الكنيسة، بل قالوا أنهم مثل إناء وسخ في الكنيسة". أما الذين يتزوجون للمرة الرابعة أو الخامسة فقد أمر القديس في نفس القانون أن "يطردوا خارج مثل الزناة".

St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خاتمة:

7- وبعد، فإن كانت هذه هي نظرة المسيحية إلى تعدد التزوج -مع الاحتفاظ بزوجة واحدة في كل مرة- فماذا يمكن أن يكون رأيها في تعدد الزيجات والجمع بينهن في وقت واحد.

إن كان الذي توفيت زوجته فتزوج غيرها -وقد تكون فترة الزواج الأول أو الزوجين الأولين قصيرة، والرجل ما يزال شابًا، وقد ذاق لونا من الحياة ولم يستطع الامتناع- إن كان هذا تنظر الكنيسة هكذا، ولا تباركه، ولا تحضر وليمته، وتفرض عليه العقوبات الكنسية، وتحرمه من الكهنوت، وتنظر إليه كضعيف، فهل يمكن لديانة تدعو إلى هذه الدرجة من التعفف، أن تسمح بتعدد الزوجات؟! لا يستطع أحد أن يجيب بنعم.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/09-Al-Zoga-Al-Wahda-in-Coptic-Church/Monogamy-in-Christianity-30-Widow-Second-Marriage.html

تقصير الرابط:
tak.la/armmq6x