St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   08-Ahad-El-Sha3aneen
 

كتب قبطية

كتاب أحد الشعانين - البابا شنودة الثالث

6- خلاف في معنى المُلك

 

في يوم أحد الشعانين دخل السيد المسيح إلى أورشليم كملك. ولم تواجهه في ذلك مشكلة من الرومان، لم يكن ينافس قيصر... إنما قامت المشكلة من الداخل، من داخل شعبه، من زعماء اليهود، إذ حدث خلاف بينهم في معنى الملك.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

قبل المسيح أن يدخل أورشليم كملك، إذ ملكوته قد اقترب. نعم اقترب اليوم الذي يقضى فيه على مملكة الشيطان، ويدوس بموته على الموت الذي أدخلته الخطية إلى العالم، فيؤسس مُلكا خاصا. ولكن اختلف فهم اليهود معه في معنى المُلك.

هو يريد ملكًا روحيًا. وهم يريدون ملكًا دنيويًا.

إنه يريد أن يؤسس مملكهً ليست من هذا العالم، مملكة روحية تُبنى على الحب، يملك فيها الله لا الإنسان. ولكنهم كانوا يريدون مملكة كإحدى ممالك العالم، تبنى على السلطة، يكون رئيسها من نوع شمشون أو جدعون، أو يكون قائدًا كيشوع. يريدون مظهرًا خارجيًا أساسه القوة والجيش. أما ملك الله عليهم فلم يفكروا فيه...

لقد هتفوا "أوصنا يا أبن داود". وكلمة أوصنا أو هوشعنا، معناها خلصنا... ولكنهم طلبوا منه الخلاص كابن لداود، كوريث لعرشه وتاجه، وليس كابن لله...

St-Takla.org Image: Christ Jesus the King, Pantocrator. صورة في موقع الأنبا تكلا: الملك يسوع المسيح، الضابط الكل - البانتوكراتور.

St-Takla.org Image: Christ Jesus the King, Pantocrator.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الملك يسوع المسيح، الضابط الكل - البانتوكراتور.

هو أراد أن يخلصهم من خطاياهم، فاسمه يسوع أي مُخلِّص (متى 1: 2). أما هم فما كانوا يريدون إلا خلاصًا من حكم الرومان.

لقد أراد أن يخلصهم من عبودية الشيطان والخطية والعالم، وهى عبودية أصعب بكثير من عبودية الرومان. لأن العبودية لقيصر قاصرة على غربة هذا العالم. بينما العبودية للشيطان تضيع أبدية الإنسان كلها...

كان المسيح يريد القلب، واليهود يريدون العرش.

هو يريد أن يحررهم من الخطية. أما هم فلا يشغلهم إلا التحرر من الحكم الأجنبي. وما كان يخطر لهم على بال ذلك الفهم الروحي الذي يقصده بعبارة "إن حرركم الابن، فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو 8: 36).

كان لابد إذن من اصطدام بين فكره وفكرهم...

عندما دخل إلى أورشليم كملك، فرح به البسطاء. 

بينما تضايق منه الكهنة والشيوخ والكتبة والفريسيون.

عامة الشعب فرحوا به، لأنه كان متواضعًا لا يتعالى عليهم، وهوذا قد أتاهم وديعًا راكبًا على جحش ابن أتان (زك 9: 9). ارتجت المدينة كلها للقائه (متى 21: 10). وبسبب المعجزات التي أجراها آمن به كثيرون (12: 10). ويقول معلمنا لوقا الإنجيلي إن الشعب كله كان متعلقًا به يسمع منه (لو 19: 48).. هتف الكل له. وفرشوا ثيابهم في الطريق، واستقبلوه بكل ترحيب...

أما الرؤساء فنظرتهم إليه لم تتجرد من الذات.

وهذه الذاتية أتعبت قلوبهم، وقادت كل تصرفاكم، وأدت بهم إلى الحقد والمؤامرة والجريمة، الأمر الذي ما كان يتفق مع كهنوتهم، ولا مع علمهم، ومثالياتهم...

لقد أزعجهم ترحيب الشعب به، وتملكتهم الغيرة فحسدوه، وانتقدوا صياح التلاميذ وهتاف الأطفال... وقالوا "هوذا العالم قد ذهب وراءه" (يو 12: 19).

عجبًا. وأي ضرر في أن يسير العالم وراءه؟!

أليس هذا الذي اشتهاه يوحنا العمدان من قبل، أن تكون العروس للعريس... وهو ينظر من بعيد ويفرح (يو 3: 29). ولكن هؤلاء الرؤساء والمعلمين لم يكونوا من نوع يوحنا المعمدان بل لم يستطيعوا أن يقولوا إن معمودية يوحنا من السماء. وعندما سألهم السيد المسيح عن ذلك، قالوا لا نعرف. وكانوا يعرفون...

الذاتية قادتهم إلى محبة الاستحواذ على الجماهير.

قادتهم الذاتية إلى الباطل، إلى الكذب، وإلى محبة الظهور. وأسلمت داخلهم إلى ذهن مرفوض. فنظروا إلى المسيح كمنافس وكرهوه!

ولما دخل المسيح إلى أورشليم كملك، لم يرحبوا به، ورفضوا أن يملك عليهم (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).  وهتفوا فما بعد "ليس لنا ملك إلا قيصر" (يو 19: 15). بينما كانوا ينتظرون مجيء المسيا الذي يخلصهم من حكم قيصر حسب مفهومهم!! حقًا ما أسهل أن تقود محبة الذات إلى النفاق، وإلى تملق الرؤساء، إن كان لك تحقيق للذات، حسبما يوهم الفهم المنحرف...

أما رفض هؤلاء للمسيح، فلم يضره بل أضرهم.

لقد أساءوا إلى أنفسهم وليس إليه. كان السيد الرب يؤسس الملكوت الذي حرموا أنفسهم منه. وكان يبنى الكنيسة، ويدبر قضية الخلاص. أما هؤلاء الكهنة والشيوخ والمعلمون، فكانوا منشغلين بسلبياتهم: يدبرون المؤامرات، ويشجعون الخونة، ويبحثون عن شهود كذبة، ويفكرون في قتل المسيح، ويعملون على إثارة الشعب ضده. ويشعرون بملء السعادة إن ساعدهم الشيطان على تحقيق رغباتهم الأثمة...

ومعارضات هؤلاء الكهنة ومؤامراتهم، لم تمنع ملكوت المسيح.

وهذا الملك الوديع الذي دخل إلى أورشليم راكبًا على جحش. هذا الذي رفض أن يملك على أورشليم مفضلًا أن يملك على خشبة، والذي أسس ملكه الروحي، والمسامير في يديه... انتشر ملكه إلى أقصى الأرض على الرغم من كل المؤامرات...

وأنت، ما هي تأملاتك في يوم أحد الشعانين؟

في اليوم الذي نودي فيه بالمسيح ملكًا على أورشليم...

قل له تعال يا رب واملك. ليأت ملكوتك في قلبي، وفي قلوب جميع الناس. ليأت ملكوتك  على كل الشعوب وفي كل البلاد. لتعرف في الأرض، وفي جميع الأمم خلاصك (مز 66).

ابعد يا رب عني كل ما يعرقل ملكوتك داخلي. ابعد عنى الذاتية التي منعت ملكوتك عن رؤساء كهنة اليهود. وابعد عنى الحرفية التي أبعدت الفريسيين عن ملكوتك. وابعد عنى الحسد والغيرة التي بسببها ابتعد الكتبة والشيوخ والرؤساء...

أطلب من الرب أن يملك قلبك.  إنما لا تغلقه أنت.

قل له: "مستعدٌ قلبي يا رب مستعد قلبي" (مز 56). وافتح قلبك لكل تأثير روحي، واقبل عمل الله فيك. ولا تطفئ الروح. ولا تتجاهل صوت الله في داخلك...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/08-Ahad-El-Sha3aneen/Palm-Sunday-06-What-is-Kingdom.html

تقصير الرابط:
tak.la/37y9jqx