St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-020-Father-Tadros-Yaacoub-Malaty  >   003-Pope-Athanas
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القديس أثناسيوس الرسولي والفكر الإنجيلي - القمص تادرس يعقوب ملطي

23- روح القوة وتحدي الشيطان

 

أخيرًا جاء كتاب "حياة أنطونيوس" Vita Antonii الذي تعلم تلميذه القديس أثناسيوس يشهد عن تحدي القديس انطونيوس للشياطين، وإدراكه للسلطان الذي يهبه السيد المسيح لمؤمنيه أن يدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو. هذا هو روح القوة الذي يليق بكل مؤمنين أن يتسلح به! يقول القديس أنبا أنطونيوس الكبير: [تحسدنا الأرواح الشريرة منذ أن عرفت أننا حاولنا أن نرى عارنا وخزينا، وقد بحثنا عن طريقة للهروب من أعمالهم التي يعملونها معنا، ولم نحاول فقط أن نرفض مشورتهم الشريرة التي يزرعونها فينا، بل أن كثيرين منا يهزأون بحيلهم. والشياطين تعرف إحسان خالقها في هذا العالم، وقد حُكم عليهم بالموت، وأعد لهم جهنم ليرثوها بسبب غفلتهم وكثرة خبثهم[21].]

*     إنه لأمرٌ عجيبٌ أنّ شخصًا وحيدًا (القديس أنطونيوس الكبير) في بريّةٍ كهذه لم يخشَ الشياطين التي هاجمته، ولا وحشية الوحوش والزحافات، إذ كانت كثيرة جدًا، لكنه حقًا كما هو مكتوب: "توكل على الرب مثل جبل صهيون" (مز 125: 1)، بإيمانٍ لا يتزعزع ولا يضطرب، حتى هربت الشياطين منه، وسالمته وحوش البرية كما هو مكتوب (أي 5: 23).

كان إبليس، كما يقول داود النبي في المزامير (مز 35: 16) يراقب أنطونيوس ويصرِّ عليه أسنانه. أما أنطونيوس فكان متعزِّيًا بالمخلِّص، وبقيَ سالمًا من حيله ومكائده المختلفة. كان يسهر بالليل، فيرسل عليه إبليس وحوشًا برّيّة، وكأنّ كل ضباع تلك البرّية تقريبًا قد خرجت من مغايرها وأحاطت به، وهو في وسطها، يهدِّده كلُّ واحدٍ بالعضّ. وإذ رأى حيلة العدو، قال لها: ”إن كان لكم سلطان عليَّ فأنا مستعدٌ أن تلتهموني، أمّا إن كنتم قد أُرسِلتم عليَّ من قِبَل الشياطين، فلا تمكثوا، بل انصرفوا، لأنني عبدٌ للمسيح“. فهربت كلها أمام تلك الكلمة، وكأنها قد ضُربت بالسياط[22].

St-Takla.org         Image: An African icon depicting St. Athanasius as black!  Although He was Egyptian. صورة: أيقونة أفريقية تصور القديس أثناسيوس الرسولي كأن لون بشرته سوداء، على الرغم من كونه مصري!

St-Takla.org Image: An African icon depicting St. Athanasius as black!  Although He was Egyptian.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة أفريقية تصور القديس أثناسيوس الرسولي كأن لون بشرته سوداء، على الرغم من كونه مصري!

*     خارج النور تكون الظلمة، وبالابتعاد عن البركة توجد اللعنة، هكذا يكون الشيطان بعيدًا عن القديسين، والخطية بعيدة عن الفضيلة. لهذا ينتهر الإنجيل الشيطان قائلًا "اذهب يا شيطان" (مت 10:4). بينما يدعونا نحن قائلًا: "ادخلوا من الباب الضيق" (مت 13:7) ومرة أخرى يقول "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم"[23].

*     كان الإنسان يميل إلى أسفل، لا يتغذى إلا بالخطية، وهكذا يصف الروح القدس الخطاة ويتكلم عن غذائهم، وذلك حينما يشير إلى الشيطان قائلًا عنه "جعلته طعامًا لأهل.."  (مز 4:74) فالشيطان هو طعام الخطاة! وإذ ربنا ومخلصنا هو الخبز السماوي، لهذا فهو غذاء القديسين، لهذا قال "إن لم تأكلوا جسدي وتشربوا دمي..." (يو 53:6)

بينما الشيطان هو غذاء الدنسين، الذين لا يصنعون أعمال النور بل أعمال الظلمة. ولكي يجذبهم الله ويردهم عن شرورهم، يوصيهم أن يقتاتوا بالفضيلة وخاصة تواضع العقل، المسكنة، واحتمال الإهانات، والشكر لله[24].

*     ينبغي علينا يا أحبائي أن نخضع إرادتنا حسب لطف الله ولا نقصر عن العمل، لئلا إذا ما تركنا إرادتنا عاطلة ترحل عنا النعمة التي وهبت لنا فينا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وإذ يجدنا العدو (الشيطان) هكذا فارغين وعراة يدخل فينا، فيكون حالنا كتلك الحالة التي وردت في الإنجيل، ذلك الرجل الذي خرج منه الشيطان. فإنه بعد ما خرج الشيطان منه وذهب إلى أماكن جافة، عاد ومعه سبعة أرواح أشر منه إلى المنزل فوجده فارغًا، لذلك سكن هناك، وصارت أواخر ذلك الرجل أشر من أوائله.

فعدم التحلي بالفضائل يعطي للأرواح الشريرة فرصة للدخول فينا[25].

*     الآن يا أحبائي قد ذبح الشيطان، ذاك الطاغية الذي هو ضد العالم كله... لا يعود يملك الموت بل تتسلَّط الحياة عوض الموت، إذ يقول الرب: "أنا هو الحياة" (يو 14: 6)، حتى امتلأ كل شيء بالفرح والسعادة، كما هو مكتوب: "الرب قد ملك فلتفرح الأرض"... الآن إذ بطل الموت، وتهدَّمت مملكة الشيطان، امتلأ الكل فرحًا وسعادة!

*     خيرات عظيمة منحنا الرب إياها لأنه لم يحل قيودنا من الخطية فقط، بل منحنا سلطانًا أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو، لأن الشرير وضابطي ظلمة هذا العالم أسرونا فقيدونا وربطونا بقيود لا تنحل ولم يكونوا يسمحون لنا أن نسلك الطرق الصالحة، كنا معهم مقيدين وهم أيضًا بحذائنا جلوس. قوم أشرار وسادة قساة لكن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح أقبل ليعطي إطلاقًا للمأسورين والبصر للعميان.

*     الآن يا أحبائي.. قد ذبح الشيطان، ذلك الطاغية الذي هو ضد العالم كله، فنحن لا نقترب من عيد زمني بل عيد دائم سمائي. معلنين إياه لا خلال ظلال (وحرف) بل في الحق. لأن أولئك بعد ما شبعوا من جسد الخروف الأبكم تمموا العيد، وإذ مسحوا قوائم بيوتهم بالدم نجوا من المهلك. أما الآن فإذ نأكل "كلمة" الآب وتُمسح قلوبنا بدم العهد الجديد نعرف النعمة التي يهبنا إياها المخلص الذي قال "ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو 19:10) لأنه لا يعود يملك الموت، بل تتسلط الحياة عوض الموت، إذ يقول الرب "أنا هو الحياة" (يو 6:14)، حتى أن كل شيء امتلأ بالفرح والسعادة، كما هو مكتوب "الرب قد ملك، فلتفرح الأرض".

لأنه عندما ملك الموت "على أنهار بابل جلسنا فبكينا" (راجع مز 1:97؛ 1:137) ونحنا، لأننا قد شعرنا بمرارة الأسر. وأما الآن إذ بطل الموت وانهدمت مملكة الشيطان، لذلك امتلأ كل شيء بالفرح والسعادة. ولم يعد الله معروفًا في اليهودية وحدها بل في كل الأرض "في كل الأرض خرج منطقهم وإلى أقصى المسكونة كلماتهم" (مز 1:76؛ 4:19)[26].

*     هم عبروا من فرعون إلى موسى، أما نحن فإننا نقوم من الشيطان لنكون مع المخلص[27].

*     في هذه الأيام مات الرب، كي لا نعود نشتاق إلى أعمال الموت! لقد بذل حياته، حتى نحفظ حياتنا من شباك الشيطان![28]

*     أخيرًا يتطلعون إلى العدو (الشيطان) وهو مطروح ضعيفًا بلا حياة، مربوط الأيدي والأقدام، فنسخر منه قائلين: "أين شوكتك يا موت. أين غلبتك يا هاوية" (1 كو 55:15).

فلنترنم الآن للرب بأغنية النصرة[29].

*     ربنا يسوع المسيح الذي أخذ على عاتقه أن يموت عنا، قد بسط يديه لا على الأرض السفلى بل في الهواء، لكي يظهر أن الخلاص الذي تم على الصليب مقدم لجميع البشر في كل مكان، مهلكًا الشيطان الذي يعمل في الهواء، ولكي يمهد طريقنا الصاعد إلى السماء ويجعله حرًا (سهلًا)[30].

البابا الأنبا أثناسيوس الرسولي

*   ارتدى الكلمة جسدًا مضمدًا كل لدغة الحية، نازعًا كل شرٍ ينبع عن عواطف الجسد، مبطلًا أيضًا الموت المصاحب للخطية... وكما كتب يوحنا: "لأجل هذا أظهر ابن الله ينقض أعمال إبليس"[31].

البابا الأنبا أثناسيوس الرسولي


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-020-Father-Tadros-Yaacoub-Malaty/003-Pope-Athanas/Saint-Athnasius-Biblical-View-23-Power.html

تقصير الرابط:
tak.la/ch2wvzf