St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-018-Father-Athanasius-Fahmy-George  >   002-El-Batolya
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

49- القديس أوغوسطينوس عن البتولية

 

ON VIRGINITY

بعد أن وضع القديس كِتابًا عن ”صلاح الزواج On The Good of Marriage“ ونصح فيه عذارى المسيح أن لا يحتقرنَ -بسبب عطيتهِنْ العُظمى التي أُعطِيت لهُنْ- أباء وأُمهات شعب الله، وأن لا يعتقدنَ أنَّ الذين خدموا المسيح، ولو حتّى بإنجاب الأبناء، هم أقل استحقاقًا مِنْهُنْ، رغم أنَّ ”العِفة الإلهية مُفضَّلة عن حياة الزيجة والبتولية التَّقية عن الزواج“...

بعد ذلك وضع القديس أُغسطينوس كِتابه عن البتولية الذي يطلُب في مُقدمته من المسيح المولود من عذراء، عريس العذارى، المولود من جسد رَحِمْ بتول، والمُتزوِج بحسب الروح زواجًا عذراوِيًا أن يُعينه في حديثه ويسنِده بِنِعْمِته.

ويتساءل القديس: إذا كانت الكنيسة كلّها عذراء مخطوبة لرجُل واحد الذي هو المسيح -كما يقول القديس بولس الرَّسول- فكم عظيمة هي الكرامة التي لأعضائها الذين يحفظون هذا (العذراوية) حتّى في الجسد نفسه، هذا الذي تحرُسه الكنيسة كلّها في الإيمان؟ ويرى أنَّ الكنيسة تقتدي بأُم عريسها وسيِّدها لأنَّ الكنيسة أيضًا أُم وعذراء.

St-Takla.org Image: Saint Augustine and his mother St. Monica. صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أغسطينوس وأمه القديسة مونيكا.

St-Takla.org Image: Saint Augustine and his mother St. Monica.

صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أغسطينوس وأمه القديسة مونيكا.

ويرى أسقف هيبو أنَّ القديسة مريم قد ولدت رأس الجسد بحسب الجسد، والكنيسة تلِد أعضاء هذا الجسد، وفي الحالتين لا تعوق البتولية الإثمار ولا الإثمار يعوق البتولية، ومع أنَّ الكنيسة كلّها مُقدسة في الجسد والروح، إلاَّ أنه ليس الجميع بتوليين في الجسد بل في الروح، فكم عظيمة هي قداسِة الأعضاء التي هي عذراء ليس فقط بحسب الروح بل وحسب الجسد أيضًا!!

ويجب أن لا تحزن عذارى الله لأنَّهُنْ -بسبب بتوليتهِنْ- لا يستطِعنَ أن يكُنَّ أُمهات بحسب الجسد ”لأنَّ البتولية تلِده هو وحده الذي ليس له نظير في ميلاده“ أي السيِّد المسيح له المجد، وولادِة العذراء للمسيح هي زينة كلّ العذارى، وهُنْ أنفُسهُنْ ”أُمهات للمسيح مع مريم إذا فعلنَ مشيئة أبيه“ وقد قال السيِّد له المجد ”مَنْ يصنع مشيئة أبي الذي في السَّموات هو أخي وأُختي وأُمِّي“ (مت 12: 50).. وأُم المسيح هي الكنيسة كلّها لأنها تلِد أعضاءهُ أي المُؤمنين به، وأُمه أيضًا هي كلّ نفس تقية تصنع مشيئة أبيه بمحبَّة مُثمِرة جدًا... فالعذراء مريم إذًا -بِصُنعها مشيئة الآب- هي بحسب الجسد أُم المسيح فقط، أمَّا بحسب الروح فهي أُمه وأخته..

ويشرح ابن الدِموع التائِب كيف أنه كان ينبغي أن يُولد رأسنا، بحسب الجسد، بِمُعجزة فائِقة من عذراء حتّى يُعلِن بذلك أنَّ أعضاءهُ ستُولد بحسب الروح من الكنيسة العذراء البتول... فمريم وحدها أُم وعذراء في الجسد والروح، أُم للمسيح وعذراء للمسيح، أمَّا الكنيسة فهي بكُلّيتها أُم للمسيح في الروح، وبِكُلّيتها أيضًا عذراء للمسيح في الروح، ولكن في الجسد ليس بِكُلّيتها، فالبعض عذارى للمسيح، والبعض الآخر أُمهات ولكن ليس للمسيح، وفي الواقِع، النِساء المُؤمنات المُتزوجات والعذارى المُكرَّسات لله، بِحياتِهِنْ المُقدسة ومحبتهُنْ التي من قلب طاهِر وضمير صالِح وإيمان بلا رِياء ”هُنَّ جميعًا بمعنى روحي أُمهات للمسيح“ ولكن هؤلاء اللاتي في الزيجة ويَلِدنَ أبناء بحسب الجسد، لا يَلِدنَ المسيح بل آدم ولكن عندما تصطبِغ ذُريتهم هذه في أسرار الكنيسة المُقدسة تصير أعضاء مُقدسة للمسيح...

ويُعلِن القديس أنه شرح ذلك ”لكي لا يتجرّأ الإثمار الزيجي ويُنافِس العِفة العذراوية“ أو أن تقول المُتزوجات للعذارى ”إنَّ مريم كان لها في جسدها أمران يستحِقان الكرامة: البتولية والإثمار (الإنجاب)، فقد ظلَّت عذراء ومع ذلك حبلت وولدت، ولأننا لا نستطيع أن نحظى بهذه السعادة كلّها، لذا قسمناها، أنتُنَّ تكُنْ عذارى ونحن أُمهات، وما ينقُصكُنَّ من أبناء تكون بتوليتكُنْ التي تحفظنها تعزية لكُنَّ عنه، وبالنسبة لنا يكون رِبح الأولاد تعزية وعِوَض لنا عن خسارتنا للبتولية...“.

ويرفُض القديس هذا الفِكْر ويرى أنَّ هذا الحديث يكون صحيحًا لو كانت الأُمهات يلِدنَ أبناء مسيحيين بحسب الجسد، لكنَّهُنْ لا يلِدنَ أبناءِهِنْ مسيحيين، فلكي يصيروا مسيحيين لابد أن يُولدوا من الكنيسة لأنها أُم أعضاء جسد المسيح والتي هي في الوقت عينه عذراء.

لذا لا يُمكن أن يُقارن أي إثمار للجسد بالبتولية المُقدسة، لأنَّ البتولية لا تُكرَّم لِمُجرَّد كونِها بتولية بل لأنها مُكرَّسة لله، ومع أنها تُحفظ في الجسد، إلاَّ أنها تُحفظ بتكريس النَّفْس، وبهذا تكون بتولية الجسد روحية، فكما أنه لا أحد يُسيء استخدام جسده ما لم تكُنْ الخطية قد حُبِلَ بها قبلًا في نفسه، كذلك لا أحد يحفظ عِفة الجسد ما لم تكُنْ العِفة قد زُرِعت فيه وغُرِست قبلًا في نفسه...

وينصح القديس بأن لا يظُنْ أحد أنَّ إثمار هؤلاء الذين لا يطلبون أي شيء من الزواج إلاَّ الأبناء لِيُقدَّموهم للمسيح يُمكن أن يُعوض عن خُسارة البتولية... (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وبينما كان الإنجاب نافِعًا في الأزمنة السابِقة لمجيء المسيح، وكان هناك احتياج إليه، إلاَّ أنه الآن -عندما يُمكن أن تُجمع أعضاء المسيح من كلّ جِنْس ومِنْ كلّ أُمَّة ومِنْ كلّ قبيلة في شعب الله، في مدينة ملكوت السموات- على كلّ مَنْ يستطيع أن يحفظ البتولية المُقدسة أن يحفظها ولِيتزوج فقط هؤلاء الذين لا يستطيعون أن يضبطوا أنفسهم (مت 19: 12 + 1كو 7: 9).

ويجب أن لا يُقارِن المُتزوِجون أنفسهم بالمُتبتلين على أساس أنَّ المُتبتلين يُولدون منهم لأنَّ هذا ليس صلاحًا من الزواج بل من الطبيعة كما رتَّب الله، فلا تُولد أيَّة أُنثى -سواء من زواج مُقدس أو من زِنى- إلاَّ وهي عذراء، لكن ليس عذراء قديسة، إذًا ”العذراء تُولد حتّى من الزِنا، ولكن العذراء القديسة ليس حتّى من الزواج“.

يرى القديس أنَّ الكنيسة هي أُم جميع العذارى القديسات، لأنه ”لا أحد يستطيع أن يلِد عذارى قديسات إلاَّ عذراء قديسة، تلك التي خُطِبت لِتُقدَّم عفيفة إلى رجُل واحد الذي هو المسيح“ (2كو 11: 2)... والعِفة والبتولية هي من نصيب الملائكة وهي عيش عدم الفساد في الجسد القابِل للفساد.

ويرى القديس أُغسطينوس أنَّ مَنْ ينظُر إلى البتولية على أنها ضرورية من أجل العالم الحاضِر فقط وليس من أجل ملكوت السموات إنما هو مُجرَّد من الحكمة، ويرفُض آراء من يقولون أنَّ المُتزوجين يتضايقون ويُعانون من الهموم العالمية والدِنيوية، وأنَّ العذارى يسترحنَ من هذه الأتعاب، كما لو كان من الأفضل عدم الزواج لا لشيء إلاَّ للرَّاحة من أتعاب الزمان الحاضِر وكأنه لا نفع للبتولية في الحياة الأبدية.

ومع أنَّ البتولية تُحرِّر من أتعاب واهتمامات هذا العالم، إلاَّ أنَّ هذا لا يعني أنَّ الزواج والاهتمام بأمور هذا العالم يحرِم الإنسان من الملكوت، كما لو كان الزواج خطية يمنعها أمر أو وصية، ولكن الرَّسول قد رأى وأعطى نصيحة وليس أمرًا، لأنه لو قدَّم أمرًا لجلب الإدانة على مَنْ لا يطيعه، فهو يقول ”أمَّا العذارى فليس عِندي أمرٌ من الرب فِيهِنَّ“ (1كو 7: 25) لأنَّ كلّ مَنْ لا يطيع الأمر والوصية يصير تحت الدينونة ويكون مُخطِئًا، ولكن لأنه ليس خطية أن يتزوجنَ (لو كان ذلك خطية لَمُنِعْ باستخدام ”أمر“) لذلك ليس هناك أمر من الرب بخصوص العذارى.

ويَحِثَنا القديس أُغسطينوس أن نسعى من أجل الحياة الأبدية حيث سيكون هناك مجد عظيم يُعطَى -ليس لكلّ الذين سيحيون إلى الأبد- بل للبعض فقط، ومن أجل أن ننال هذا المجد الفائِق لا يكفي التحرُّر من الخطايا فقط، بل أن نُنذِر لِذاكَ الذي حرَّرنا نذرًا ليس خطية أن لا نُنذِره، بل هو أمر يجلِب المديح والثناء أن نُنذِره ونُتمِّمه.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-018-Father-Athanasius-Fahmy-George/002-El-Batolya/Virginity-in-the-Patristic-Thought__49-St-Augustinos.html

تقصير الرابط:
tak.la/fsw57f7