St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-012-Father-Abdel-Messih-Basiet-Abo-El-Kheir  >   009-3azazil
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب رواية عزازيل: هل هي جهل بالتاريخ أم تزوير للتاريخ؟ (ردا على رواية عزازيل للدكتور يوسف زيدان) - القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير

29- رفض نسطور لأفكار آريوس

 

(4) وقد خرج فكر نسطور من منطلق رفضه للآريوسية ومقاومته لها، وهذا عكس ما زعمه وادعاه وكرره د زيان طوال الرواية!! فقد نادى آريوس، كما أوضحنا، بأن المسيح لم يتخذ الطبيعة الإنسانية كاملة بل أخذ جسدا بلا روح وحل فيه اللاهوت، الكلمة، الابن، محل الروح الإنسانية، وجاء بعده شخص يدعى أبوليناريوس قال أن الابن من ذات الآب وواحد معه في الجوهر ولكنه قال مثل آريوس أنه أتخذ جسدا بلا روح إنسانية وحل لاهوت الابن فيه محل الروح وأن الكلمة هو حياة الجسد، اللاهوت الذي حل في الجسد محل الروح الإنسانية العاقلة قائلًا: "حققت الطاقة الإلهية دور الروح المحيية (psyche) والعقل البشري (nous)"[90]. وكرد فعل لذلك نادى نسطور بطريرك القسطنطينية (428 - 431م)، بما يسمى "اللوجوس - إنسان؛ Logos  -  Man؛ أو  Logos -  Anthropos؛ ανθροπος - λογος". أي أن الكلمة، اللوجوس، تجسد في الإنسان يسوع الناصري، وأن المسيح مكون من عنصرين أساسيين، ولكن مختلفين في الجوهر، اللاهوت والناسوت. وفي شرحه لهذا الاتحاد بين اللاهوت والناسوت ميز بشدة بين اللاهوت والناسوت حتى وصف اتحادهما بالاقتران أو المصاحبة، وقال أنه مجرد اتحاد أدبي، وليس اتحاد بالمعنى الدقيق للكلمة، طبيعي، اتحاد أقنومي (Hypostatic Union)[91]، كما يؤكد الكتاب المقدس وكما علمت الكنيسة منذ أيام الرسل. وقال أن الكلمة، الابن، المسيح بلاهوته، حل في يسوع، منذ اللحظة الأولى للتجسد، وكان هذا الحلول يهدف إلى فداء كل الجنس البشري، كما أنه الظهور الأكمل للنشاط الإلهي.

St-Takla.org Image: Jesus Christ Pantocrator Our King, modern Coptic icon. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح ملكنا ضابط الكل، أيقونة قبطية حديثة.

St-Takla.org Image: Jesus Christ Pantocrator Our King, modern Coptic icon.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح ملكنا ضابط الكل، أيقونة قبطية حديثة.

وبرغم قوله أن هذا الحلول الإلهي في التجسد بدأ من اللحظة الأولى للحمل في بطن العذراء، إلا أنه بدا وكأنه ينادي بمسيحيين لا مسيح واحد!! ورفض تسمية العذراء بوالدة الإله (Theotokos - θεοτοκος) ودعاها بوالدة المسيح (χριτοτοκος - Christotokos)، قائلا أنها لم تلد سوى المسيح الإنسان، أي الناسوت وأن الكلمة كان في ذاك الذي ولدته[92]. وتجاهل أو جهل أن اللاهوت أتحد بالناسوت في بطن العذراء!

وقد نشأ فكر نسطور أساسا من معارضته لتلقيب العذراء، بلقب، والدة الإله (Theotokos - θεοτοκος) كوصف للعذراء القديسة مريم والدة الكلمة المتجسد، الإله المستأنس، فقد سئُل نسطور في بداية عهده بالبطريركية سنة 428م عن رأيه في هذا التعبير، وكان، نسطور تلميذ مدرسة إنطاكية، قد تعلم من معلمه ثيؤدور أسقف موبسوستيا Mopsuestia الذي كان يعلم بالتمييز بين الطبيعتين كرد فعل لهرطقة أبوليناريوس. وفي إجابة نسطور على هذا السؤال، الخاص بتعبير" والدة الإله"، أعتمد على فكره الذي يميز بشدة بين اللاهوت والناسوت وشك في ملائمة هذا التعبير إلا إذا استُخدم معه تعبير"والدة الإنسان -  anthropotokos  - ανθροποτοκος "ليعبر الأول عن لاهوته ويعبر الثاني عن ناسوته، كما كان ينادي بذلك أيضا ثيؤدور، وأوجد نسطور تعبير آخر يتناسب مع فكره وهو تعبير "والدة المسيح -Christotokos  -  χριτοτοκος". ثم استخدم نسطور لغة مبالغ فيها ومثيرة في شرحه لفكرته هذه، فقال، في عظاته ضد والدة الإله؛ أن الله ليس له أم ولا يمكن أن تلده امرأة وما ولدته مريم لم يكن هو الله بل ولدت الطبيعة الإنسانية التي اتخذها الكلمة، ولدت الناسوت الذي كان حاملا للاهوت، وسيلة اللاهوت، حامل اللاهوت، وزاد في مبالغاته المغلوطة والمبنية على الباطل وقال لا يمكن أن يحُبل بالله مدة تسعة شهور في رحم امرأة ويلف بالأقمطة وأن يتألم ويموت ويدفن[93]!!

وتصور نسطور أن  أقواله هذه كانت كافية لحماية عقيدة التجسد ضد الآريوسية والأبوليناريوسية [94]. ونسي أنه وصل بفكره هذا إلى وجود مسيحيين؛ المسيح الإله والمسيح الإنسان، اللذان تصاحبا معًا منذ اللحظة الأولى للحمل، فهو لم ينكر لاهوت المسيح مطلقًا ولم ينكر عقيدة الله الواحد في ثالوث مطلقا، كما حاول أن يصور د. زيدان، بل آمن بلاهوت المسيح وعقيدة الثالوث ودافع عنهما بشدة، ولكنه بسبب تطرفه في الرد على كل من أبوليناريوس وآريوس، استخدم تعبير المصاحبة الذي يفصل المسيح إلى مسيحيين، إله وإنسان، تصاحبا معا منذ اللحظة الأولى للحمل في بطن مريم العذراء وظلا كذلك إلى الأبد!! كما أن سوء فهمة للقول أن العذراء والدة الإله وتصوره أن هذا يؤدي إلى أن العذراء ولدت المسيح بلاهوته، ولدت الإله، ولدت الله، جعله يتطرف في استخدام تعبير والدة المسيح ويبتعد عن تعبير الاتحاد بين لاهوت المسيح وناسوته ويستخدم تعبير المصاحبة!! وهنا نسأل بماذا يقول الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت والأنجليكان ويؤمنون في الذي ولد من العذراء؟ هل ولدت العذراء إله؟ أم ولدت إنسان؟ والإجابة أنها لم تلد، أي لم يخرج من رحمها، إنسانًا فقط ولا إلهًا فقط! فالذي خرج من أحشائها ليس مجرد إنسان، كما أنها لم تلد الإله، لأنها كإنسانة لا يمكن أن تلد الإله، لأن اللاهوت الغير مخلوق لا يمكن أن يولد من مخلوقة، فهو ربها وخالقها، هي مخلوقة في زمان معلوم وهو غير مخلوق، بل مولود من الآب، بلا بداية ولا نهاية، أزلي أبدي، ولكنها ولدت الإله المتجسد، المسيح الذي هو الله الظاهر في الجسد، أو كما يقول الكتاب: "الذي يحل فيه كل ملء اللاهوت جسديًا" (كو2:9)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فقد حل اللاهوت في الطبيعة الإنسانية منذ اللحظة الأولى للحمل في بطن العذراء، ومن ثم فمن خرج من أحشاء العذراء هو الإله المتجسد، فهي لم تلد اللاهوت بل ومن المستحيل أن يحدث ذلك بل حل اللاهوت في الناسوت في رحمها، أتحد اللاهوت بالناسوت في أحشائها، ولأن الناسوت لم يوجد لحظة ولا طرفة عين في رحم العذراء بدون اللاهوت، بل وكما يتكون الإنسان في بطن أمه من اتحاد العناصر الوراثية للرجل بالعناصر الوراثية للمرأة، وقبل ذلك لا يكون هناك إنسان، هكذا ومع الفارق، لم يكن الناسوت بدون اللاهوت، وجد الناسوت متحدا باللاهوت. ولهذا نقول أنها والدة الإله المتجسد وأم المسيح الذي هو كلمة الله المتجسد، صورة الله وبهاء مجده ورسم جوهره الذي أخلى نفسه أخذا صورة عبد. ولا يمكن أن نتصور المسيح كمجرد إنسان فقط. ولم يتصوره لا آريوس ولا نسطور هكذا، برغم هرطقاتهم وفكرهم الهرطوقي، بل هو بالنسبة لآريوس كلمة الله المتجسد والخالي من الروح الإنسانية! وبالنسبة لنسطور ابن الله وابن الإنسان، المسيح الإله والمسيح الإنسان!!

أننا نقول مع أليصابات التي قالت عن العذراء بالروح القدس "أم ربي" (لو43:1)، كما نقول معها أيضا "مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك" (لو1:42)، ونقول مع القديس بولس بالروح عن اليهود "لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1كو2:8).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-012-Father-Abdel-Messih-Basiet-Abo-El-Kheir/009-3azazil/Azazil-Youssef-Zidan-29-Arious-VS-Nastoor.html

تقصير الرابط:
tak.la/yn2h855