St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary  >   01_A
 

قاموس الكتاب المقدس | دائرة المعارف الكتابية المسيحية

شرح كلمة

الأَمَانَة

 

صفة من صفات الله تعالى وتدلّ على إقرار كل ما وعد به العدل الإلهي وإظهاره في أوانه (عد 23: 19؛ مز 89: 1، 33، 34).

وهي صِفة أو خاصية تُنْسَب في الكتاب المقدس إلى كل من الله والإنسان، وسنقتصر في هذا البحث على تعليم الكتاب عن الأمانة فيما يختص بالله.

تعتبر الأمانة إحدى الصفات المميزة لطبيعة الله الأخلاقية إذ أنها تشير إلى ثبات الله ووفائه في علاقاته بالناس وبخاصة مع شعبه فهي إذا أحد جوانب صدق الله وحقه وعدم تغيره.

أن الله صادق ليس فقط لأنه هو الله حقا بالمقابلة مع كل ما ليس إلهًا، وفيه تتحقق فكرة الألوهية، ولكن لأنه ثابت وأمين في حفظ مواعيده، ولهذا فهو جدير بالثقة. فالله غير متغير في طبيعته الأدبية، وكثيرًا ما يربط الكتاب بين عدم تغير الله وصلاحه ورحمته، وأيضًا بصدقه وثباته من جهة مواعيد عهده، وهذا هو ما يعنيه العهد القديم بأمانة الله.

 

St-Takla.org Image: Fidelity word in Arabic and English صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمة الأمانة بالعربية والإنجليزية

St-Takla.org Image: Fidelity word in Arabic and English

صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمة الأمانة بالعربية والإنجليزية

1 - أمانة الله في العهد القديم:

تُنْسَب هذه الصفة إلى الله في العهد القديم في آيات لا تذكر فيها تصريحًا الكلمات العبرية الدالة على الأمانة، فهي متضمنة في اسم العهد "يهوه" كما يعلنه (سفر الخروج 3: 13 - 15) فهو لا يعبر فقط عن وجود الله الذاتي وعدم تغيره بل -كما توضح القرينة- يضع عدم تغير الله في علاقة خاصة بمواعيده الكريمة، وهكذا يدل على أمانة الله الثابتة غير المتغيرة، التي يؤكدها العهد القديم لتثبيت الثقة في الله (تث 7: 9؛ مز 36: 5؛ إش 11: 5؛ هو 12: 6، 9).

بالإضافة إلى ذلك فإن أمانة الله وعدم تغيره، تتضمنها الآيات التي تتحدث عن الله بأنه "الصخر" باعتباره الأساس المضمون الأكيد للاتكال عليه (تث 32: 4، 15؛ مز 18: 2؛ 42: 9؛ إش 17: 10.. إلخ.)، وهذه الصفة نفسها يتضمنها إعلان الله نفسه لموسى ولإسرائيل بأنه اله إبراهيم واسحق ويعقوب، إله آبائهم (خر 3: 6، 15، 16)، والحق المعلن هنا فيما يختص بالله، ليس هو -ببساطة- أنه يقف موقفا كريما من الآباء فحسب، لكنه أيضًا أمين لوعوده الكريمة لآبائهم، وكما كان مع آبائهم، فإنه سيظل كذلك لموسى ولإسرائيل.

هذه هي الفكرة الأساسية في العهد القديم فيما يختص بأمانة الله، ويمكن أن نرى هذا أيضًا في الكلمات العبرية المستخدمة للتعبير عن طبيعة الله وعمله، هذه الكلمات هي: "نيامان" اسم المفعول المشتق من "أمان" وتستخدم صفة بمعنى "أمين" كما تستخدم "ايميت" و"ايميوناه" بمعنى "أمان". ومصدر الكلمة "أمان" يعني أن تكون "آمنا" أو "ثابتا" فهي تدل في هذه الصيغة (اسم الفاعل) على ثبات شيء يدعم شيئا آخر، إذ تستخدم للتعبير عن المربية التي تحمل طفلا (عدد 11: 12؛ 2 صم 4 : 4؛ إش 49: 23).

وفي اسم المفعول تدل على ثبات الشيء المحمول أو المدعوم، على سبيل المثال: الطفل المحمول (إش 60: 4)، أو البيت الراسخ الأساس (1 صم 2: 35؛ 25: 28)، والحائط الذي يمسك الوتد بشدة (إش 22: 23، 25)، والمملكة الراسخة (2 صم 7: 16)، القلب الأمين (نح 9: 8)، فالفعل المبني للمجهول يؤدي معنى الصدق، أي أن الكلمات والتأكيدات تتفق مع الحقيقة، على سبيل المثال: للأقوال والإعلانات (تك 42: 20؛ هو 5 : 9)، والأشخاص (إش 8: 2؛ ارميا 42: 5)، كما أن له معنى أن يكون أمينا عندما يستخدم للناس (عدد 12: 7؛ مز 101: 6؛ نح 13: 13.. إلخ.)، وفي هذا المعنى يستخدم في وصف "يهوه" حافظ العهد، للتعبير عن الحقيقة أنه ثابت غير متغير، أي أنه أمين بالنسبة لمواعيد عهده، فهو لا بُد أن يتممها (تث 7: 9؛ إش 49: 7؛ هو 11: 12). ويستخدم الاسمان " ايميت " و"ايميوناه" بنفس الصورة. وعلاوة على الحالات التي تستخدم فيها " ايميت " للدلالة على فكرة الحق أو مطابقة الكلمات والأفكار للحقيقة، والحالات التي تشير إلى اتفاق الأعمال والكلمات مع النوايا، وهذا هو الإخلاص، تستخدم أيضًا للدلالة على فكرة الأمانة كما سبق القول، أما بالنسبة للاسم " ايميوناه "، فمع وجود آيات قليلة، قد يدل فيها على الصدق، فانه عادة يشير إلى فكرة الأمانة، والإخلاص والثبات ، وبخاصة في إتمام كل الالتزامات، في هذا المعنى لا تستخدم هذه الكلمات في وصف الناس فحسب، بل لوصف الله أيضًا للتعبير عن أنه دائما صادق وأمين لمواعيد عهده، وهذه هي الصفة التي يتحدث عنها (المزمور 40: 10)، والعظمة التي يؤكدها بالقول بأن أمانة الله إلى الغمام (مز 36: 5)، وهي موضوع الحمد (مز 89: 1، 2؛ 92: 2)، والتي يقول عنها إنها يجب أن تكون موضوع الحمد والثناء من كل الناس (مز 89: 5، 8)، وتوصف هذه الأمانة ذاتها بإثبات لأن المرنم يقول إنها تدوم إلى الأبد (مز 100 : 5)، ولأنها صفة مميزة من صفات الله، فهي مميزة أيضًا لخلاصه، وبذلك فهي أساس الثقة في أن الله سيسمع الصلاة (مز 143: 1)، كما أن فيها الأمان للإنسان التقي (مز 91: 4)، ومصدر معونة الله لشعبه (مز 31: 5)، ويتفق مع ذلك، أننا نجد في النبوات أن خلاص شعبه لا يستند على استحقاق أو فضل فيهم، ولكنه يعتمد كلية على رحمته ونعمته وأمانته.

وعندما جلب إسرائيل على نفسه دينونة الله، بدا كما لو أن الوعد، قد خاب، ولكن حاشا لله فهو أمين لكلمة وعده التي تثبت إلى الأبد (إش 40: 8)، ومنذ الأزل تتميز كل مشوراته بالأمانة والصدق (إش 25: 1)، وهذا ليس بسبب أمانة إسرائيل، بل لأجل نفسه قد محا ذنوبهم (إش 43 : 22 - 25؛ ميخا 7: 18 - 20).

وفي (سفر الخروج 34: 6) يشار إلى أمانة الله (إيميت) على أنها تعني - بكل جلاء - ثباته من جيل إلى جيل، وفي (التثنية 32: 4) نجد أيضًا أمانة الله "ايميوناه" بالمقارنة مع أمانة إسرائيل، وهو ما ينطبق على كلمة "ايميت" المترجمة بكلمة "حق" (مز 31: 5؛ 91: 4)، كما ينطق على المواضع العديدة حيث ترتبط رحمة الله بحقه (ايميت) وحيث رحمته هي مصدر مواعيده الكريمة (مز 25: 10؛ 57: 3؛ 61: 7؛ 85: 10؛ 86: 15).

وحيث أن يهوه حافظ العهد أمين، فالأمانة أيضًا من مميزات العهد الجديد الذي هو عهد أبدي [(مز 89: 28) - انظر أيضًا نفس الفكرة في (إش 54: 8 - 10؛ إرميا 31: 35 - 37؛ هو 2: 19، 20؛ حز 16: 60 - 62)].

وفي هذا الصدد ترتبط أمانة الله ارتباطا وثيقا ببره (أو عدله)، ففي النصف الثاني من نبوة إشعياء، وفي كثير من المزامير ينسب البر إلى الله لأنه يسرع إلى معونة وخلاص شعبه، فالبر ينسب إلى الله، تمامًا كما تنسب إليه النعمة والرحمة والأمانة (إش 41: 10؛ 41: 6؛ 45: 13، 19، 20؛ 63: 1). ويبدو في هذه المواضع، إنها تتسع مع حدودها القضائية أو الشرعية، لتصبح صفة الله كمخلص لشعبه، ويستغيث المرنم في المزامير بهذه الصفة في الله كأساس الرجاء في الخلاص والنجاة (مز 31: 1؛ 35: 24؛ 71: 2؛ 143: 11)، ومن ثم ارتبطت هذه الصفة برحمة الله ونعمته (مز 36: 5؛ 89: 14)، وأيضًا بأمانته (زك 8: 8؛ مز 36: 6؛ 40: 10؛ 88: 11، 12؛ 89: 14؛ 96: 13؛ 119: 137، 142؛ 143: 1)، وطبقا لهذا كان مفهوم العهد القديم عن بر الله أو عدله من الناحية العملية، مرادفا لأمانة عهده، أو ما يشبه ذلك، عند كتَّاب مثل كوتزخ وريهم وسينمد وريتشل، حتى أن ريتشل -انسياقًا وراء ديستل- قال أن فكرة العدالة -التي تكافئ وتجازي- لا تنسب إلى الله في العهد القديم، وبالنسبة لهذه النقطة الأخيرة، يجب -في ملحوظة عابرة- أن نقول أن هذا الإنكار لفكرة نسب البر القضائي أو الشرعي إلى الله في العهد القديم، لا أساس له، ليس فقط لأن العهد القديم ينسب هذه الصفة إلى الله بطرق كثيرة ، ولكن أيضًا في ضوء الحقيقة، أنه في مواضع كثيرة تنسب فكرة -الجزاء- بصفة خاصة إلى بر الله.

وبالنسبة لهذه العلاقة الوثيقة بين البر والأمانة، يجب مراعاة عدم الذهاب إلى حد اعتبار أن البر والأمانة مترادفان في هذه الآيات من المزامير والنصف الثاني من إشعياء، ويبدو أن الفكرة هي أن إسرائيل قد أخطأ ولم يعد له أي حق عند يهوه، فلا رجاء له في الخلاص، إلا في رحمته وأمانته، ولكن هذه الحقيقة ذاتها، أن يهوه رحيم وأمين، تصبح هي أساس رجاء إسرائيل في النجاة من أعدائه، ومن ثم -على أساس هذه العلاقة بشعبه- يقال أن الله بار في إظهار رحمته وأمانته، هكذا ارتبط البر ارتباطا وثيقا في هذه الحالات بالأمانة، ولكنه ليس مرادفا لها، ولم بفقد أبدًا نغمته القضائية، ويبدو -بوجه عام- أن هذا هو المقصود بالبر أو العدل في المزامير والنصف الثاني من إشعياء، ويمكن أن نقول هذا أيضًا عن (ميخا 6: 9) و(زكريا 8: 8).

ويتضح تأكيد هذه الصفة من صفات الله، في العهد القديم، في أنه في كل أجزاء العهد القديم، تقوم علاقة عهد يهوه بشعبه على أساس نعمته فحسب، وليس على أساس أي استحقاق فيهم، فلو أن علاقة هذا العهد قد تأسست على أي حق لإسرائيل، لكانت الأمانة من جانب الله أمرًا حتميًا لا جدال فيه، ولكن حيث أن علاقة يهوه بإسرائيل، ومواعيده للخلاص، قد نبعت واعتمدت تماما على نعمة الله، فإن ما أعطي اليقين الأكيد بان الاختبار الماضي لنعمة الله سيستمر في المستقبل، هو أمانة يهوه الثابتة غير المتغيرة، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. ولهذا أصبح لاختبار الآباء قيمة دينية كبيرة عند إسرائيل من جيل إلى جيل، فكما امتدت أمانة الرب من الماضي إلى الحاضر، فإنها ترتبط أيضًا بين الحاضر والمستقبل، وبذلك أصبحت هي الأساس الثابت لرجاء إسرائيل، كما في المزمور التاسع والثمانين الذي يبرز أمانة الله في عظمتها وثباتها كأساس العهد، الذي يقوم عليه الرجاء في معونة يهوه في المستقبل، لأن رجاء عهده يدوم إلى الأبد، وعندما ابتعد شعب الله عنه، أصبح التأكيد على أمانته اشد ، حتى أن الرجاء الوحيد لشعبه لا يستند على نعمته ورحمته فقط بل أيضًا على أمانته، بالمقابلة مع عدم أمانة وتقلب شعبه، ولعل هذا هو معنى الآية الصعبة في (هوشع 11: 12).

 

2 - أمانة الله في العهد الجديد:

تتأكد في تعاليم العهد الجديد المتعلقة بأمانة الله، نفس فكرة الأمانة لمواعيده الكريمة كأساس الثقة الوطيدة في الله، ويعبر عن هذه الفكرة دائما بالكلمة "بيستوس" وهي صفة، ومرة واحدة بالاسم "بيستيس" الذي تدل -غالبًا- على الإيمان أو الثقة.

ويستخدم الرسول بولس في رسائله -كثيرًا- الكلمة "اليثيا" للدلالة على الحق (أو الصدق) الذي يعلنه الله للإنسان عن طريق العقل والضمير، ولتدل على محتويات تعليم الإنجيل، ففي رسالته إلى رومية (رو 3: 4، 7؛ 15: 8) نجد "أليثيس" و"أليثيا" تعبران عن أمانة الله (أو صدقه)، ففي الأصحاح الثالث من رومية، يقابل الرسول بين أمانة الله وعدم أمانة الناس. فالكلمة " أليثيس " في العدد الرابع، " واليثيا " في العدد السابع، تدلان على نفس الصفة الإلهية كالكلمة "بيستيس" المترجمة "أمانة" في العدد الثالث. أما في الأصحاح الخامس عشر (رو 15: 8) فيقول أن إثبات أمانة الله في إتمام مواعيده للآباء ، كان هدف خدمة يسوع المسيح لليهود.

ويؤكد الرسول بولس كثيرًا أمانة الله لمواعيده مستخدما الاسم "بيستيس" والصفة "بيستوس". وقد استخدم الاسم "بيستيس" مرة في هذا المعنى (رو 3: 3) حيث يقول بولس أن عدم أمانة اليهود لا يمكن أن تبطل أمانة الله. ولقد قال الرسول أن اليهود والأمم سواء بالنسبة للتبرير، ومع هذا كان لليهود امتياز عظيم واحد، إذ أنهم الشعب الذي استؤمن على إعلانات مواعيد الله الكريمة، وستتحقق هذه المواعيد بالتأكيد رغم حقيقة إن بعض اليهود كانوا غير أمناء، لأن إتمام هذه المواعيد لا يتوقف على السلوك البشري ولكن على أمانة الله التي لا يمكن أن يبطلها عدم أمانة البشر أو عدم إيمانهم، وردا على افتراض أن عدم أمانة الإنسان يمكن أن تبطل أمانة الله، يقول بولس: "ليكن الله صادقا (اليثيس) وكل إنسان كاذبا" (عدد 4)، والرسول يعني بذلك أنه من جهة إتمام مواعيد الله، فبالرغم من الحقيقة أن الناس غير أمناء، فإن أمانة الله تتأكد بشدة حتى وان ثبت أن كل إنسان عديم الأمانة والصدق، ليس هذا فقط بل أن عدم أمانة البشر تعطي الفرصة لإظهار أمانة الله (أليثيا) بقوة لمجده (عدد 7). وأمانة الله هنا هي صدقه غير المتغير ووفاؤه الدائم لمواعيد، وان هذه الأمانة لمواعيده، أو حقيقة أن هبات الله الكريمة واختياره لا يتغير فكر الله من جهتهما، هي ما أعطى الرسول بولس اليقين بأن كل إسرائيل سيخلص في النهاية (رو 11: 25 - 29)، وأكثر من ذلك، إن أمانة الله هذه مؤسسة على ذات طبيعته، لذلك فإن رجاء بولس للحياة الأبدية يستند إلى حقيقة أن الله المنزه عن الكذب قد وعد بها قبل الأزمنة الأزلية (تي 1 : 2) ويقينه من أن الله سيبقى أمينًا على الرغم من عدم أمانة البشر، إنما يرتكز على حقيقة أن الله لا يمكن أن ينكر نفسه (2 تي 2: 13)، فلأن الله أمين، فإن مواعيده في المسيح هي النعم والأمين (2 كو 1: 18، 20)، وعلاوة على ذلك فإن هذه الصفة التي يتميز بها الله، هي أساس تأكيد بولس الراسخ بأن الله سيحفظ المؤمن في التجربة (1 كو 10: 13) ويثبته ويحفظه من الشرير (2 تس 3: 3)، وحيث أن الله أمين ومواعيده الكريمة ثابتة راسخة فإن هذه الصفة تنطبق على " الأقوال الصادقة " في الرسائل الرعوية والتي تلخص الإنجيل، مما يجعلها تستحق الثقة والقبول (1 تي 1: 15؛ 4: 9؛ تي 3: 8).

كما أن أمانة الله بمعنى الوفاء لمواعيده تظهر بوضوح كموضوع الثقة الأكيدة والرجاء عند كاتب الرسالة إلى العبرانيين، لقد كانت أمانة الله أساس إيمان سارة بأنها ستلد ابنا حتى بعد أن فاتها السن (عب 11: 11)، ولأن الله أمين لوعده في المسيح، نستطيع نحن أن نقترب إليه في يقين الإيمان ممسكين بإقرار الرجاء راسخا (عب 10: 23).

كما ينسب يوحنا أيضًا هذه الصفة لله حيث أن أحد مواعيد الله الثمينة للغاية بيسوع المسيح، هي غفران الخطية "بدم يسوع المسيح" يقول يوحنا إن أمانة الله وعدله يتجليان في غفران الخطية (1 يو 1: 9).

وينظر بطرس إلى أمانة الله من ناحية مختلفة نوعا عندما يقول إن الذين يتألمون كمسيحيين بحسب مشيئة الله، يجب أن يستودعوا أنفسهم كما لخالق أمين في عمل الخير (1 بط 4: 19).

فالأمانة التي ينسبها الكتاب لله كثيرًا في علاقته بالإنسان كالمخلص الكريم وكأساس الرجاء في مواعيده الكريمة، يستخدمها بطرس هنا لله في علاقته بالإنسان كخالقه ويجعلها أساس التعزية في وقت الاضطهاد والآلام، إن حذف أداة التعريف في عبارة " خالق أمين " تجعل من المؤكد أن هذه صفة من صفات الله كخالق، وترتيب الكلمات في الجملة، يجعل التأكيد الكبير على صفة الله هذه كأساس التعزية وقت الآلام، وكأن بطرس يقول للمؤمنين المتألمين: "أنتم تتأملون ليس عن طريق الصدفة، بل بحسب مشيئة الله، فهو الخالق القدير الذي خلقكم، وحيث أن آلامكم بحسب مشيئته، فينبغي أن تستودعوا أنفسكم له حيث أن خالقكم أمين". ومن الطبيعي أن المؤمنين هم الذين لهم هذه التعزية، ولكن أمانة الله تمتد هنا لتشمل كل علاقاته بشعبه، ولتأكيد انه لهم بكل صفاته.

ويوصف الرب يسوع -في العهد الجديد- بهذه الصفة عينها، حيث يسمى "رئيس الكهنة الأمين" تعبيرًا عن وفائه لالتزاماته من نحو الله وعمله الخلاصي (عب 2 : 17؛ 3: 2، 6) ولكن عندما يسمى يسوع في سفر الرؤيا "الشاهد الأمين" أو "الصادق الأمين" بصفة مطلقة، فواضح أن صفة الأمانة بمعناها المطلق الكامل -الذي يتميز به الله، بالمقابلة مع تقلب البشر- يوصف بها يسوع أيضًا (رؤ 1: 5؛ 3: 14؛ 19: 11)، ويتضح هذا بشدة في الآية الأخيرة، حيث تنفتح السموات ذاتها لتكشف عن المسيح الممجد وهو يظهر لا كمحارب منتصر يُدْعَى "أمينًا وصادقًا" فحسب، بل أيضًا كالشخص الذي تظهر فيه جميع هذه الصفات بأسمى صورها ، فهو يتميز بها إلى حد أن تصبح اسما للرب المعظم، وهذا يتضمن -بكل جلاء- ألوهية يسوع.

 

وهناك ثلاثة أشياء جديرة بالملاحظة فيما يتعلق بتعليم الكتاب عن أمانة الله:

"أولها - أن أمانة الله ترتبط عادة بوعوده الكريمة للخلاص، وهي إحدى الصفات التي تجعل الله الموئل الوطيد للاتكال عليه، وكما هو الحال في كل تعاليم الكتاب المتعلقة بالله، نرى التأكيد على القيمة الروحية لأمانته.

ثانيها - أن الصفات الأدبية -والأمانة إحداها- هي صفات حتمية، ليكون الله موضوع العبادة، مع سائر الصفات التي ينفرد بها مثل القدرة المطلقة والعلم بكل شيء والوجود في كل مكان وعدم التغير. وإسقاط أي صفة من هذه الصفات عن الله يجرده من لاهوته، فلا يعود موضوعًا للتكريم والاتكال عليه أو الثقة فيه.

ثالثها - بينما هذه الصفات الأدبية التي تنتمي إليها الأمانة يمكن أن يوصف بها الناس (بالمقابلة مع الصفات التي ينفرد بها الله) فيجب ألا ننسى أن الله -بحسب الكتاب- أمين بمعنى مطلق بالمقابلة مع الناس الذين يوصفون الأمانة بمعنى نسبى فحسب، فهم يبدون متقلبين وعديمي بالأمانة مع أمانة الله.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-002-Holy-Arabic-Bible-Dictionary/01_A/A_412.html

تقصير الرابط:
tak.la/b33wvzb